اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 515
متلونة ليكون مفرجا لغمومكم ومقويا لنفوسكم ومتى احتجتم الى الغذاء
كُلُوا منها حيث شئتم رغدا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ التي أنتم تستريحون بها وتنتفعون منها من أكلها وحملها وركوبها وبالجملة إِنَّ فِي ذلِكَ الجعل والإنزال والإخراج لَآياتٍ دلائل واضحات وشواهد لائحات على قدرة الصانع الحكيم العليم واختياره لِأُولِي النُّهى الناهي عقولهم عن اسناد الأمور الى الوسائل والأسباب العادية بل تسندها الى مسببها أولا وبالذات
وإذا تأملتم في بدائع مصنوعاتنا وغرائب مخترعاتنا في وجه الأرض قد جزمتم جزما يقينا انا مِنْها اى من الأرض خَلَقْناكُمْ وأوجدنا أجسادكم وأشباحكم بقدرتنا واختيارنا إيجاد النبات عنها وقت الربيع وَفِيها ايضا نُعِيدُكُمْ بالآجال المقدرة من لدنا لانقضاء حياتكم الدنيا افناء النبات في ايام الخريف وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ ايضا للحشر والعرض في يوم الجزاء
تارَةً أُخْرى وَمع أمرنا لموسى وأخيه المرسلين من لدنا اليه بتليين القول والتنبيه عليه بدلائل الآفاق والأنفس لَقَدْ أَرَيْناهُ تحقيقا وتأكيدا لئلا يبقى معنا جداله وقت أخذنا بظلمه في يوم الجزاء مع علمنا بانه من زمرة الهالكين في تيه البعد والعناد آياتِنا الدالة على صدق موسى المرسل من لدنا كُلَّها متعاقبة مترادفة ألا وهي العصا واليد البيضاء وغيرهما فَكَذَّبَ بجميعها وَأَبى وامتنع عن تصديق شيء منها فكيف بجميعها بل قد نسب الكل الى السحر والشعبذة
ثم قالَ اغترارا بعلوا شأنه ورفعة مكانه مهددا مستفهما على سبيل التهكم والإنكار أَجِئْتَنا متمنيا لرئاستنا مع غاية ضعفك وحقارتك لِتُخْرِجَنا مع كمال قدرتنا مِنْ أَرْضِنا التي قد استقررنا عليها زمانا طويلا بِسِحْرِكَ الذي قد تعلمت من شياطين الامة في بلاد الغربة يا مُوسى المتمنى محالا ولولا خشيتي من اشتهار عجزي من اباطيلك لأقتلنك البتة جدا جدا فالزم مكانك
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ من انواع السحر كامل من سحرك لا من نوع أخر بل من مِثْلِهِ اى من مثل سحرك لكن أكمل منه قم من عندي وتأمل في أمرك ان شئت تب من هذياناتك وفضولك وارجع نحوي بالإنابة والاستغفار حتى أعفو عنك واغفر زلتك يا موسى وان شئت فَاجْعَلْ فعين وقتا من الأوقات ليكون بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ لا نَحْنُ وَلا أَنْتَ ثم عين ايضا مَكاناً سُوىً مستوى لا حائل فيه بحيث يرى كل احد ما يجرى بيننا حتى تفتضح على رؤس الاشهاد
قالَ موسى ان معى ربي سيقوينى لا أخاف من معارضتك معى بالسحر وتعيين الوقت بل مَوْعِدُكُمْ للمعارضة يَوْمُ الزِّينَةِ اى يوم العيد إذ يجتمع فيه الأقاصي والأداني وَلا يكون وقت تفرقهم نحو بيوتهم بل وقت أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى اى وقت الضحوة المعدة لعرض الزينة إذ يظهر كل منهم حينئذ زينته على صاحبه ليكون اعجازى لك ابعد من ان يرتاب فيه احد
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ وانصرف عن مكالمة موسى استكبارا فَجَمَعَ كَيْدَهُ اى امر بجمع سحرة مملكته ليرى القاصرين ان ما جاء به موسى من جنس السحر ثُمَّ أَتى الموعد المعين في الوقت المعين مع ملائه وسحرته وبعد ما حضروا الموعد
قالَ لَهُمْ اى للسحرة مُوسى على مقتضى شفقة النبوة او بإلقاء الله إياه بطريق الإلهام كلاما خاليا عن الميل نحو الخصومة امحاضا للنصح وَيْلَكُمْ اى ويل عظيم وهلاك شديد لكم ايها العقلاء التاركون طريق العقل بمتابعة هذا الطاغي لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً بان أفعاله مما يعارض بالسحر والشعبذة إذ ما جئت من الآيات مما أتانى الله من فضله وان افتريتم على الله فَيُسْحِتَكُمْ اى يهلككم ويستأصلكم بِعَذابٍ نازل من قهره
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 515